• ×

06:00 مساءً , الخميس 19 جمادي الأول 1446 / 21 نوفمبر 2024

مبادرة عفو

تسامح ... وتكاتف

لا يخفى على الجميع ماظهر في المجتمع مؤخراً في شأن الديات وافتداء المحكومين بالقصاص من مبالغات ومساومات مالية تجاوزت المنطق وتخطت مقاصد الشرع المطهر بابتغاء الأجر، وأصبحت ظاهرة مقلقة حيّرت العقلاء والمهتمين بالشأن المجتمعي ، وصدرت بشأنها التوجيهات السامية الكريمة بداية في الأمر السامي الكريم رقم (ح/547/8) وتاريخ 2/11/1420هـ والأمر السامي الكريم رقم (4/ب/9911) وتاريخ 29/3/1423هــ وتبعها الكثير من الأوامر التي تنص على الحد من هذه المزايدات ، وتداعى بسببها الغيورون من الأمراء والعلماء والمشائخ والوجهاء ولجان إصلاح ذات البين الرسمية وكل من يحمل على عاتقه مسئوليه اجتماعية أو علمية ، وتناولها المثقفون والأكاديميون والإعلاميون منادين بوضع حد لهذه الظاهرة المزعجة التي تستدعي وضع رؤية وحلولاً فاعلة لمعالجتها ، والتي تجاوزت جميع القيم والمبادئ الأخلاقية والدينية والأعراف الاجتماعية وتحولت إلى متاجرة بالدماء على أيدي سماسرة من ضعاف النفوس، فضلاً عن استغلال مكانة العلماء والأمراء والشيوخ ووجهاء المجتمع في هذه الوجاهات التي قد تكون مرتبة ومنتهية في الأصل ومحددة المبلغ مسبقاً.
ونظراً لأهمية هذه القضيه ، فقد وضعتها المؤسسة نصب أعينها وجاءت توصيات مجلس أمناء المؤسسة مؤيدة لفكرة مبادرة بهذا الشأن مُقدمةً دراستها من رئيس مجلس الأمناء العقيد الدكتور/ محمد بن مران بن قويد ، وتم بالإجماع التصويت على دعم هذه المبادرة الوطنية بكل ما يلزم من متطلبات فنية ومالية وتثقيفية، ومُنحت هذه المبادرة الأولوية في نشاطات المؤسسة لتعزيز تأثيرها في المجتمع ورفع مستوى الوعي بعصمة الدم الحرام في نفوس أبنائه، وتولى دراستها المختصون في المؤسسة بهدف الوصول لمبادرة اجتماعية وطنية لنشر ثقافة العفو، يشارك فيها كل من يحمل على عاتقه مسئولية اجتماعية أو علمية وتستثمر اهتمامهم الكبير بحفظ الدماء وافتداء الرقاب طوال الفترة الماضية ، وليتم على أيديهم تتويج هذا الجهد لنبذ هذه الظاهرة من مجتمعنا , ولنتوج جميعاً بمباركة ولاة أمرنا - حفظهم الله -
وبناءً على ما تقدم ، فإن المؤسسة تُطلق في هذا الشأن ❪ مبادرة عفو ❫ انطلاقاً من قوله تعالى :
﴿ ۝ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ۝ ﴾ سورة الشورى

ومن أهداف هذه المبادرة الاسهام في النهوض بالوعي المجتمعي بهذه القضية بإطلاق حملة تثقيفية دعويه توعويه موجهة للمجتمع ، يتم من خلالها تعزيز القيم الدينية في نفوس الشباب ودعوتهم لحفظ الدماء وتجنّب التوترات والمهاترات وتفادي الصراعات التي قد تؤدي إلى إزهاق النفوس أو التعدي على الغير بما يدخلهم في معاناة مساعي الافتداء أو القتل قصاصاً لأولياء الدم وتتولى المؤسسة بناء هذه البرامج التثقيفية والتوعية ودعوة المشائخ والعلماء لإلقاء محاضرات توعوية وإقامة ملتقيات في مناطق مملكتنا الغالية للإلتقاء بأبناء المجتمع لتعزيز الوعي ورعاية مخافة الله في نفوسهم وحفظ الدماء المعصومة.

وهناك مقترح بهذا الشأن تمت مناقشته أثناء الدراسة مع العديد من المعنيين في مثل هذه الأمور من وجهاء المجتمع وغيرهم وتم استحسانه لسببين الاول : حفظ مكانة وجهاء المجتمع من عبث سماسرة الدم والثاني : كونه حافزاً لمن أرادوا أن يَعْفُوا وَيَصْفَحُوا ولديهم ظروف مالية قاسية بعد فقدهم لمعيلهم وهذا الحافز يُجنبهم ❪ سماسرة الدم ❫ ومزايداتهم المُبالغ فيها ونسأل الله أن ينفع بهذا المقترح الذي اسميناه تكاتف وهو : تكاتف وجهاء المجتمع كأصحاب السمو الأمراء وأصحاب الفضيله العلماء والمشائخ والأعيان والوجهاء والمثقفين ولجان إصلاح ذات البين وكل من يحمل على عاتقه مسئولية اجتماعية مع قادتهم وولاة أمرهم للعمل يداً بيد لكبح جماح السمسرة في إفتداء الرقاب بعدم التحرك في الشفاعات التي تتضمن أياً من أشكال المزايدات المالية أو عند العلم بوجود من يسعى خفية للكسب المادي من وراء حوادث القتل المؤسفة على أن تكون الشفاعة متركزة فقط بالسعي على حث أولياء الدم على احتساب الأجر العظيم عند الله وإقناعهم بالعفو عن القاتل لوجه الله تعالى ابتغاء لمرضاته وبذلك يتحقق حفظ مكانة وجهاء المجتمع المذكورين لدى ولاة الأمر ولدى أفراد المجتمع بأدائهم لهذا الدور الإجتماعي والإنساني والتأكيد على مكانتهم الرفيعة وحفظاً لجاههم وسمعتهم الطيبة وسعيهم بالإصلاح في مجتمعاتهم واستثماره في الوقوف مع قادة بلادهم في كل ما من شأنه حفظ الدماء وإصلاح ذات البين وتوطيد العلاقة الحميدة بين أبناء المجتمع ..
وبعد عفو ذوي المقتول ينظر في إمكانية مساعدتهم حسب ما تقتضيه حالتهم بعد فقد معيلهم بما يعينهم على أعباء الحياه لتحقيق استقرارهم وتتمثل المساعدة في تأمين منزل ملك للأرامل واليتامى القُصَّر أو تحقيق طلب ذوي المقتول في بناء جامع أو غيره لتكون صدقة جارية للمقتول على أن لا يتجاوز تكاليف جميع ما ذكر مبلغ وقدره ثلاثة ملايين 3,000,000 ريال وكحد أعلى مبلغ خمسة ملايين 5,000,000 ريال فقط في حالات استثنائية .
والله نسأل أن يوقفنا جميعاً لما فيه خير أمتنا ووطننا وولاة أمرنا وان يعيننا على تحقيق كل ما من شأنه الحفاظ على منعتها وعزتها.


 0  1  4.0K  07-23-1437 12:42 مساءً